الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الصبر من شيم الصالحين
قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ} آل عمران. وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزمر. وقال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَىءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} البقرة.
إن الآيات القرآنية التي تحث على الصبر وتبين فضله كثيرة جداً، وقد مدح الله تعالى الصبر لما فيه من منافع متعددة في حياة المرء وما له من الثواب العظيم عند الله عز وجل في الدرجات العلى في الآخرة. والصبر على ثلاثة أنواع :
1) الصبر على الشدائد والبلايا أي على ما يزعج النفس من ألم أو أذى أو ضيق معيشة أو حزن يلحق الانسان بسبب مصيبة.
2) الصبر عما حرّم الله أي حَبْسُ النفس عن ارتكاب ما حرّم الله، وهذا النوع أشد على النفس من النوع الاول، لأن النوع الأول من الصبر هو الصبر على الشدائد والمصائب والبلايا والثاني هو الصبر عن المعاصي أي حبس النفس وقهرُها ومنعها عن ارتكاب المعاصي التي حرّمها الله وهذا يحتاج إلى مجاهدة أكبر لمنع النفس وضبطها كيلا تتجاوز الحدود.
3) الصبر على أداء ما أوجب الله أي قهر النفس على أداء الواجبات الدينية التي فرضها الله كإقامة الصلاة في وقتها وصيام شهر رمضان وحضور مجالس العلم لتعلم ما فرض الله تعلمه من علم الدين فالاشتغال بهذه الطاعات هو الصبر على أداء ما أوجب الله.
صبر الرسول العظيم
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حرّه بين يديّ فوق اللحاف فقلت يا رسول الله ما أشدّها عليك قال : " إنا كذلك يُضعَّف لنا البلاء ويُضعف لنا الأجر".
قلت : يا رسول الله أي الناس أشدّ بلاءً. قال: " الأنبياء " قلت يا رسول الله ثم من. قال: "ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجدُ أحدهم إلا العباءة يُحَوِّيها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء ". رواه ابن ماجة.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبراهيم (ابن الرسول) وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله. فقال: " يا ابن عوف إنها رحمة.
ثم أتبعها بأخرى فقال رسول الله :" إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربُّنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ". رواه البخاري.
وعن أسامة بن زيد قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه أن ابناً لي قُبض فأتِنا. فأرسل يقرىء السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر وتحتسب" فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبيُّ بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرُفع إلى رسول الله الصبي ونفسه تُقَعْقِعُ ( تضطرب وتتحرك ) قال حسبته أنه قال " كأنها شنٌّ " ففاضت عيناه.
فقال سعد : يا رسول الله ما هذا ؟ فقال : " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم اللهُ من عباده الرحماءَ " رواه البخاري
هناك (( قلوب صابرة محتسبة ))من الذي يجازيها ؟
وما هو جزاءها؟قال الله جل وعلا ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)) الزمر -10
فعليك أخي المؤمن أن تتذكر هذا الجزاء العظيم من الجواد الكريم ، وعليك أن تصبر ولا تتضجر وتحتسب أجرك على الله حتى تلقى الخير الكثير ..
واعلــــــــــــم ...
إن الله إن أخذ منك شيئاً فهو ملكه ...
وإن أعطاك شيئاً فهو ملكه ...
فكيف تسخط إذا اخذ منك ما يملكه هو ؟!!
(( فإن لله ما أخذ وله ما أعطى ))
فعليك إن أخذ منك شيئاً محبوبـــــاً لك أن تقول هذا لله له أن يأخذ ما يشاء وله أن يعطي ما يشاء ..
فاصبر ... وارض ... واستلذ بقضاء الله وقدره ... وثِق بحكمته وتدبيره .
وما أنت إلا عبد من عباده
واصبر يا أخي على طاعة الله
وعن معصية الله
وعلى أقدار الله
ولا بد أن تحتسب هذا الصبر وتتذكر أنه رافع لدرجاتك ... ومكفر لخطاياك
ولا تحزن .. فما أشـــقاك الله إلا ليسعـدك
وما حرمك إلا ليتفضل عليك
وما أخـذ منك إلا ليعطيـــــك
وما كان الله ليؤذيك بل لأنه يحبك ...
وفي الحديث (( إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط )) رواه الترمذي و قال حديث حسن
فهذه بشرى لك إن صبرت .. ((وعظم الجزاء من عظم البلاء )) رواه الترمذي و قال حديث حسن
فتذكر هذا وضَعه نصب عينيك
فالبلاء السهل له أجر يسير
والبلاء الشديد له أجر كبير
فائدة قيمة لسماحة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله ، من كتاب رياض الصالحين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( .... الصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ... )) رواه مسلم
قال الشيخ ((وأما الصبر فقال ( إنه ضياء ) أي فيه نور لكن نور مع حرارة كما قال الله تعالى ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا)) يونس -5
فالضوء لا بد فيه من حرارة و هكذا الصبر لا بد فيه من حرارة وتعب لأن فيه مشقه كبيرة ولهذا كان أجره بغير حساب ، فالفرق بين النور في الصلاة والضياء في الصبر أن الضياء في الصبر مصحوب بحرارة بما في ذلك من التعب القلبي والبدني في بعض الأحيان )) . انتهى كلامه رحمه الله
فيا عبد الله لا يكن في صدرك حرج على أقدار الله بل ارض بها واعلم أن الدنيا ليست طويلـــــــة !
فلا تنكص على عقبيك في وسط الطريق وتقول أنت لست بملزوم بالصبر
وأنت إن تعبت وأوذيت ... فهذه الحياة ما هي إلا أيام وتزول
فاصبر حتى يأتي الله بأمره
واستمسك بدينك .. واثبت على الطريق .. واستعن بالله الواحد الأحد .قال الله جل وعلا ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) آل عمران
المصدر :
http://www.libya-na.com/vb/showthread.php?t=30444